السرطان الاجتماعي

التمييز بسبب اللون November 28, 2013

مرض اجتماعي خبيث أصيبت به المجتمعات العربية، مرض يشبه تماما السرطان، فالخلايا المصابة في المجتمعات العربية تشبه من حيث الشكل الخلايا السليمة ولكنها تنمو وتنقسم بلا حدود ولها القدرة علي مهاجمة الأنسجة السليمة وتدميرها ولها القدرة أيضا علي الانتقال إلي أماكن مختلفة من جسد المجتمعات العربية المصابة.

هذا بالضبط حالة المجتمعات العربية التي أصيبت بمرض التمييز والتعصب، وكما يرجع الأطباء أسباب السرطان الي عوامل بيئية او لعوامل وراثية فالتمييز والتعصب في الدول العربية له العديد من العوامل الداخلية والخارجية والعوامل الوراثية.

وكما يفعل الأطباء بأخذ عينة من الورم وتحليلها فان السودان وفي القلب منه دارفور هي عينة مثالية لتحليل الورم وتشخيص طرق العلاج. فقد استمرت الصراعات السودانية الداخلية لفترة طويلة تنفجر وتخبو ، بعضها ذو نزعة انفصالية واغلبها ذو مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية. وشهدت الصراعات السودانية تدخلات خارجية مؤثرة وواسعة النطاق يرجع السبب فيها لحالة العداء بين السودان والدول المجاورة. وتعدي تدخل الدول المجاورة حدود الدعم السياسي الي الدعم بالمال والسلاح وتوفير الملاذ الأمن في حالات الفر، وأصبحت الساحة السودانية سوقا رائجة لتجارة السلاح وخاصة الأسلحة الصغيرة.

ولم يشهد شمال السودان الاستقرار الموعود بعد الانفصال عن الجنوب، وتطبيق الشريعة ، ولم تصبح جنوب السودان الجنة الموعودة . ورغم اختلاف موضوع النزاع بين نظام الخرطوم والجنوب او الشرق في جبال النوبة او مع الغرب في دارفور إلا إن الشكوى من التمييز والتعصب الديني والعرقي في اقتسام الموارد هو القاسم المشترك في جميع الحالات. يجب علينا ان نفرق جيدا بين العرض والمرض في حالة السودان فما نلمسه في الصراع في أرجاء السودان والتدخل الدولي والدعم المالي للمتمردين هو عرض لمرض يهدد كيان السودان (لا قدر الله ) بالانهيار.

فالكتاب الأسود وإعلاء القيم القبلية والتمايزات العرقية بين ازرق واحمر والدعوة الي التمسك بحضارة بلاد النوبة في الشرق وأمجاد سلطنة الفور في الغرب تشير بوضوح الي الخلايا السرطانية ومثل مرض السرطان الذي أصبح علاجه متاح رغم خطورته كذلك التمييز والتعصب يمكن علاج المجتمع منه، ويعتمد الشفاء علي وضع تعريف محدد للتميز والتعصب وتحديد أشكاله المختلفة وتقوية الجهاز المناعي في المجتمع بتوزيع عادل للثروة والمناصب الحكومية والمساواة في تحمل مسؤوليات إدارة الوطن ورفض كل أشكال التعصب والتمييز ويعتمد الشفاء من هذا السرطان الاجتماعي علي سرعه تحديد موقعه وكل تأخير في علاج المرض يساهم في انتقاله الي مناطق أخري وأشكال مختلفة تزيد من تعقيد الموقف ويختلط فيها السبب بالمسبب.

فلن يفيد التخلص من إطراف الجسم السوداني للتخلص من السرطان الاجتماعي ، فالمرض قد يصيب أبناء المدينة الواحدة بل والأسرة الواحدة أيضا. فبيت الداء في نظام الحكم في الخرطوم، نظام الحكم هو الخلية السرطانية التي سرعان ما تنتقل لجميع أجزاء الجسد. يجب مهاجمة العنصرية والتعصب في ذلك النظام وبناء نظام حكم ديمقراطي يعلي من حقوق الإنسان ويقوم علي الحرية وعدم التمييز.

عبده عبد العزيز

http://www.hurriyatsudan.com/?p=134502

هذه التدوينة كُتبت ضمن التصنيف حقوق إنسان. الأوسمة: . أضف الرابط الدائم إلى المفضّلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

To use reCAPTCHA you must get an API key from https://www.google.com/recaptcha/admin/create