أنا كغيري الكثير من الحالمين بالمدينة الفاضلة استبشرت خيرا في كل من المحكمة الجنائية الدولية والمجلس العالمي لحقوق الإنسان.
وكما هو معروف إن المجلس العالمي لحقوق الإنسان هو وريث لجنة حقوق الإنسان والتي وجهت لها الانتقادات والملاحظات من (تسييس حقوق الإنسان والانتقائية والكيل بمكيالين).
أنشئ المجلس العالمي لحقوق الإنسان بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 60/251 في شهر فبراير عام 2006 ليتبع مباشرة الجمعية العامة, واعتمد علي التقسيم الجغرافي لعضويته البالغ عددها 47 عضوا وتكون منتقاة ومقسمه جغرافيا كالتالي (13 إفريقيا , 13 أسيا , 13 أوربا وأمريكا الشمالية وإسرائيل , 8 لدول أمريكا اللاتينية ).
وبعد ما يقارب العامين علي بداية عمل المجلس سألت نفسي:
هل اختلف مجلس حقوق الإنسان عن لجنة حقوق الإنسان؟
ولكن عندما قرأت الدراسة التي قام بها معهد جينيف لحقوق الإنسان بعنوان "الدورات الاستثنائية لمجلس حقوق الإنسان – تحليل وتوثيق" والتي وثقت لموقف الدول الأعضاء في التصويت علي انعقاد أربعة جلسات طارئة تناقش كل من الوضع في فلسطين ولبنان وبيت حانون ودار فور وموقف الدول الأعضاء من هذه القضايا أثناء مناقشة القرار والتصويت عليه.
اتضح لي أن منطقة الشرق الأوسط هي بؤرة الاهتمام بحقوق الإنسان, وسيطرة الصراع العربي الإسرائيلي ودار فور علي الجلسات
وقد تركز اهتمام المجموعة الأوربية علي دار فور ودفعت باتجاه إهمال قضية الحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني والوضع في فلسطين بينما مجموعة الدول العربية في المجموعتين الأفريقية والآسيوية كانت تدفع في الاتجاه المعاكس تماما.
وغاب الوضع في العراق وأفغانستان عن الجلسات بمعني إن الحسابات السياسية ما زالت تتحكم في تصويت الأعضاء (سواء العرب من جانب أو أمريكا وارويا من جانب أخر) دون النظر للضحايا .
وأيضا عضوية المجلس , فعندما قرأت أسماء الدول الأعضاء والتعهدات التي قدمتها للترشيح للمجلس كحافز لها علي الالتزام بقيم حقوق الإنسان بدلا من الحرمان من دخول المجلس واخص هنا الدول العربية فكل من ( الأردن – البحرين– السعودية ) هي من الدول العربية الممثلة في المجموعة الآسيوية , و( المغرب – الجزائر – تونس – جيبوتي ) هي من الدول العربية الممثلة في المجموعة الإفريقية.
فحالة حقوق الإنسان في هذه الدول كما هو واضح للعيان لا ترضي عدو أو حبيب فقتل الصحراويين وطالبي اللجوء علي الحدود ومظاهرات الجوع ومياه الشرب تصم الأذان في المغرب ووضع حرية الرأي والتعبير واعتقال المعارضين وحصار مقار الأحزاب وقمع مظاهرات العاطلين لا تخفي علي احد في تونس وتأتي باقي مجموعة الدول العربية علي هذا المنوال من اضطهاد الأقليات وانتهاك حقوق العمالة الوافدة وغيرها الكثير.
فبعد ما يقارب العامين من عمل المجلس أري إن أمراض لجنة حقوق الإنسان قد انتقلت إلي المجلس الجديد لحقوق الإنسان وكأنه مرض وراثي انتقل من الأب إلي الابن .
فما زال الانحياز السياسي والعرقي وحساب المكسب والخسارة تسيطر علي عمل المجلس في وقت يشرد ويقتل الملايين في دار فور ولبنان والعراق والصومال وأفغانستان, ومظاهر الجوع تجتاح دول الجنوب او كما يطلق عليها دول العالم الثالث و"المهاجرين غير الشرعيين" كما يطلق عليهم يموتون ويقتلون علي الحدود في وقت تسن فيه الدول الغنية القوانين وتبني الأسوار وتعقد الاتفاقيات الثنائية أو الجماعية لحرمان ألجوعي من الدخول إلي أراضيها .
واري انه في غياب منظمات جماهيرية للمجتمع المدني قوية ومنظمة و ذات أفكار إنسانية كونية سيظل الإنسان عبداً لحسابات أنانية لا يري فيها سوى المكاسب الآنية لنفسه أو عشيرته أو قوميته في أحسن الظروف, في الوقت الذي تتوفر فيه الظروف الملائمة لتحسين ظروف الحياة لكل البشر ولكنها تذهب سدي في تجارة السلاح والحروب